دبي – العربية.نت
طالب محللون اقتصاديون وماليون إيجاد صانع للسوق، من أجل إيقاف
الهبوط الحاد في سوق الأسهم السعودية، في وقت حث آخرون على تفعيل
الاستثمارات الحكومية في السوق.
وربط المحللون عودة السوق للوضع الطبيعي بعودة الثقة لدى المستثمرين،
مبينين أن الاقتصاد قوي، والأسباب السياسية في المنطقة العربية وشمال
إفريقيا، أدت إلى خروج استثماري وليس فنياً من سوق الأسهم السعودية، بحسب
ما ذكرته صحيفة الاقتصادية.
التدخل الحكومي وتراجع المؤشر
العام للسوق أمس بنسبة 3.89% خاسراً 215.44 نقطة، منهياً جلسة أمس عند
5323.27 نقطة، ليواصل تراجعه بشكل متصاعد، وربما كما يرى المحللون بشكل
مبالغ فيه، حيث وصلت نسبة تراجعه منذ بداية العام إلى 19.6% خاسراً 1297.48
نقطة.
وأرجع محمد الضحيان الرئيس التنفيذي لشركة دار الإدارة للتطوير والاستثمار
تراجعات السوق السعودية للجلسة الثالثة عشرة على التوالي، إلى عدم وجود
صانع للسوق يوقف نزيف الأسعار في الوقت المناسب، بحيث يعطي المتداولين
الفرصة لالتقاط الأنفاس بدلاً من الاستمرار في البيع.
كما يرى الضحيان أن عمليات التدخل الحكومي من خلال صندوق الاستثمارات
العامة أو صندوقي التأمينات الاجتماعية والتقاعد في السوق تحكمه ضوابط
مختلفة، وعليه طالب وزارة المالية بأن تتدخل في السوق وتقوم بالشراء من
خلال ذراع الوزارة الاستثمارية "سنابل" وذلك في ظل عجز السيولة في المملكة.
ودافع الضحيان عن فكرة التدخل الحكومي في السوق حالياً، على اعتبار أن
التراجع ليس ناتجاً عن ظروف اقتصادية أو عوامل حقيقية كما كان الحال في
2008، مشيراً إلى أنه في ظل أزمة 2008 لم يطالب بالتدخل الحكومي في السوق،
لكن الظرف الآن مختلف.
في هذا السياق طالب المحلل المالي تركي فدعق الحكومة بتفعيل الاستثمارات
الحكومية والتى وصفها بالراكدة في سوق الأسهم، مؤكداً على ضرورة أن يلعب
صندوق الاستثمارات العامة دور صانع السوق وأن يكون دوره استثمارياً فقط؛
بمعنى أن يستغل الأسعار المغرية للأسهم حالياً ويتجه للشراء لتحقيق الأرباح
لاستثمارات الدولة.
ويرى المحلل المالي محمد العمران أنه لا توجد أسباب لتفسير الهبوط الحاد
الذي تعرضت له السوق في الأيام الماضية، حيث إن اقتصاد المملكة أكثر من
ممتاز, مضيفاً أن السوق المالية السعودية في وضع أكثر من ممتاز، لكن يبدو
أن التوترات السياسية التي تشهدها بعض دول الشرق الأوسط وارتفاع المخاطر
الجيوسياسية في المنطقة، هي السبب الرئيسي في هذا الهبوط، وبالتالي ضغطت
على نفسيات المستثمرين.
وقال إن إنشاء صندوق صانع للسوق ستظهر نتائجه على المدى القصير فقط، أما
على المدى الطويل فقوى السوق (من عرض وطلب من فئات مختلفة من المستثمرين)
دائماً ما تكون أقوى من أي جهة كانت بما فيها صناع السوق، الذين قد
يستطيعون الحفاظ على توازن السوق مؤقتاً، لكنهم لا يستطيعون السيطرة على
اتجاهات الأسواق أبدا ولنا في ذلك كثير من الأمثلة.
كبار المؤسسات وبين أنه في
الأيام القليلة الماضية كان هناك تدخل من كبار المؤسسات الاستثمارية في
المملكة مثل التأمينات الاجتماعية والتقاعد، لكن هذا التدخل مع الأسف
الشديد لم ينجح في وقف نزيف الخسائر, مبيناً عدم فاعلية تدخلها في مثل هذه
الأوقات العصيبة.
وأشار العمران إلى أن هناك اعتقاداً بأن الأموال الساخنة من المستثمرين
الأجانب كانت تقوم بالبيع، لكن التقرير الإحصائي الأخير الصادر من هيئة
السوق المالية لشباط (فبراير) أوضح أن مبيعات ومشتريات المستثمرين الأجانب
من اتفاقيات المبادلة كانت مستقرة، في حين أن من قام بالبيع من الأفراد
السعوديون بشكل رئيسي، وقد تكون محافظ كبرى من الأفراد. وهنا تكمن المشكلة
بسبب الطبيعة المضاربية لكثير من المحافظ الاستثمارية في المملكة أساسا من
مواطنين.
ويأمل العمران أن يتوقف نزيف الخسائر عند هذا الحد، اعتباراً من الأسبوع
المقبل لكنها تظل أمنية حيث إن السوق حاليا تبحث عن تأسيس قاعدة سعرية بعد
هذا الهبوط الحاد، وتكوين هذه القاعدة سيحتاج إلى بعض الوقت, متوقعا أنه من
الصعب كسر حاجز الدعم 5000 نقطة، إضافة إلى تماسك المؤشر فوق هذا الرقم.
وذكر العمران أنه لا يعتقد على الإطلاق أن لقيمة الريال السعودي أمام
العملات الأجنبية العالمية أي دور في هذا الهبوط الحاد, مضيفا أن الهبوط له
دوافع نفسية أكثر من أي شيء آخر.
من جهته، قال المدير العام وكبير الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي
الدكتور جون سفكياناكيس إن تراجع السوق هو انعكاس لحالة من الذعر وفقدان
الثقة، مشيراً إلى أن كبار المستثمرين يبيعون ويفضلون الاحتفاظ بالسيولة في
أوقات عدم اليقين.
وأكد الدكتور جون أنه ما لم تكن السوق على ثقة سيكون من الصعب أن نراها
تتعافى، مضيفاً "الاقتصاد قوي لكن المستثمرين غير مقتنعين، الأمر يحتاج فقط
للوقت والثقة للعودة إلى المنطقة الإيجابية، لكن ذلك يمكن أن يحدث في
منتصف آذار (مارس) الحالي".
خروج استثماري من جانبه، قال
المحلل المالي الدكتور علي الدقاق "من الواضح جداً أن الهبوط الحاصل في
السوق ليس له أسباب اقتصادية وإنما لأسباب سياسية في المنطقة".
ويضيف "ما يجعلنا نقول هذا الكلام أن الخروج الحاصل هو خروج استثماري وليس
خروجا فنيا للربح، وهذا دليل على أننا في مأزق لا نعرفه، فمن غير المعقول
وصول بعض الأسعار إلى منطقة آذار (مارس) 2009م، وهذا يجعلنا نقلق، بمعنى أن
السوق كانت عند منطقة 5400 منطقة قوية وتاريخية والآن كسرتها إلى حاجز
5200 نقطة، وهذا دليل على أن الخروج استثماري وليس فنيا".
ولفت الدقاق إلى أن أي بيع بطبيعة الحال يقابله شراء، لكن هناك فرقا كبيرا
عندما نقول نسبة البيع أكبر من الشراء.
وتابع: "ما يحدث الآن في البيع أن العروض تأتي على الطلب الذي هو ضعيف في
الأصل، فتضطر لأخذ السعر الأول ثم السعر الثاني الأقل وهكذا، طبعاً
المستثمرون الذي يفهمون السوق يضعون أسعارا منخفضة جداً وهذا يزيد من مخاوف
الناس، ويؤدي بالتالي إلى عملية تعجل مثل الحاصل في السوق، بالرغم من أن
السوق اقتصادياً لم ترتفع لدرجة أنها تحتاج إلى هذا الهبوط، إنما كان هناك
ارتفاع في السوق وربما تحتاج لفقد نقاط قليلة ثم تعاود الارتفاع".
وعن توقعاته للفترة المقبلة، قال الدكتور علي الدقاق "أعتقد أن السوق يمكن
أن تذهب إلى منطقة 4067 نقطة وربما الأحداث عجلت من الوصول لهذه المنطقة،
مع تأكيدي أن النقطة ليست قوية، ويمكننا أن نكمل الأزمة وبعدها نستبشر
خيراً، لا يوجد خلل اقتصادي في السوق نهائياً وإنما هناك خوف من أوضاع
سياسية".