اين نحن من شريعة الغاب

بســـــــــــم الله الرحمن الرحيم

أحبتي الغوالي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

أثناء سماعي لنشرات الأخبار المختلفة , يستفزني المذيعون عندما يصفون واقع الحال في المجتمعات المتفلتة , والتي تنتشـر فيها الميليشـيات المســلحة , أو في وصفهم إن تحلوا بالجرأة الكافية لما تفعله الولايات المتحدة الأمريكية في العالم وتحديدا العالم الإسلامي , فهم يستفزونني عندما يستخدمون مصطلح ( شريعة الغاب ) في وصفهم لتلك الحالات , هذا المصطلح الذي يعني انتشــار الفوضى بكل أشــكالها وأنواعها , مما يؤدي لغياب النظام والقانون , وفســاد الســـلطة الســياسي والإجتماعي , إلا أننا لو تمعنا في مصطلح شــريعة الغاب لوجدنا العجب العجاب .

فالحقائق المستنتجة من تدقيقنا في المصطلح المذكور تظلم وبشدة عالم الغاب , فرغم أننا نرفض وبشـكل كامل منطق الحيوان القائم على افتراس القوي للضعيف والكبير للصغير , إلا أن المتأمل بشكل دقيق لعالم الغاب يعرف أن الحيوانات أنما تفعل ما تفعله فقط لضرورة استمرارية الحياة لهذا الصنف أو ذاك منها , فنجد هنا أن مصطلح شـــــــريعة الغاب في عالم الغاب محكوم بقواعد وأخلاقيات محددة وواضحة , فلا تجد حيوانا يعتدي على آخر ويفترســه وهو شـــــبعان , فهذه حالات نادرة جدا في عالم الغاب , أما في عالمنا نحن البشر فنفعل ذلك وبكل برود أعصاب.

يندر أن نجد حيوانا يغدر بحيوان آخر ويهاجمه من الخلف , ولكننا نحن البشر نفعل.

فصائل الحيوانات المختلفة نجدها كلها وبلا اســــتثناء حريصة على أبناء فصيلها فلا يقوم حيوان بالإعتداء على آخر من فصيلته , فلو أخذنا عالم الذئاب المشـــــهور بأنه من أشـــــــرس الحيوانات , إلا أننا لا نجد ذئبا بالغا فيه يقوم بالإعتداء على ذئب آخر صغير , لكننا نحن البشــــر نقوم بذلك دون أن يرف لنا جفن , ودون أن يخالجنا أي شـــعور بالشــفقة , حيث أننا نجد هنا أن وصف الذئاب البشــــرية مهينا للذئاب نفســـها أكثر من كونه مهينا لنا نحن البشــر الذين نرتكب شــــتى الفظائع.

نجد أن معظم فصائل الحيوانات تخضع نظاما لكبيرها ومنظم شـــــــؤونها وموجه أفعالها وحركتها , لكننا نحن البشـــر نتباهى بقدرتنا على مخالفة القانون والســير في الإتجاه المعاكس.

نجد أن الحيوانات تقوم بالدفاع عن صغارها حتى الموت كالبطة البرية واللبؤة وأنثى القيل وغيرها الكثير من إناث الحيوانات التي تجعل من نفســها هدفا لهجوم الأعداء وتقاتل حتى الموت دفاعا عن صغارها وحماية لهم من الموت والإفتراس , لكن بعض من الأمهات البشــــريات يقمن بإلقاء فلذات أكبادهن على أعتاب الجوامع والكنائس وفي المزابل , ويعدن لممارســــــــة حياتهن دون أي وخز من ضمير بدافع من شـــهواتهن المريضة والرخيصة.

نجد أن الحيوانات التي تقوم بالإعتداء على حقوق غيرها لا يمكن أن تفلت من العقوبة التي تقررها بحقها بقية أفراد الحيوانات والغربان خير مثال على ذلك إذ تعقد مجموعة الغربان محكمة خاصة إن قررت أن الغراب المعني بحكمها مذنب انقضت عليه مجموعة الغربان نقرا حتى تقتله , أما نحن البشــــر من أصحاب الجاه والقوة والنفوذ نقوم بمناصرة الظالــــــم على المظلوم , ونؤيد الباطل على الحق ونحرض بشــكل مباشــر أو غير مباشــر على الظلم والعدوان.

الحيوانات جميعها لها عورة وتقوم بتغطية عورتها بواســطة ما حباها الله به من ذيل , بينما نحن البشـــر نلهث وراء كل أصناف موضات التعري والتي تكشـــف ما ســــــــتره الله من عوراتنا دونما أي وازع ديني أو أخلاقي.

الحيوانات تأبى بشــــكل مطلق أن تمارس الرذيلة مع أفراد الجنس الواحد ( المثلية ) , بينما نحن البشــــر نعمل لدعاة وممارسي المثلية دعايات مجانية بعمل برامج تلفزيونية لهـــم وبمحاولة إقرار التشــــريعات التي تبيح لهم فعلهم الدنئ الخســـيس.

نجد أن الحيوانات والتي خلقهــــــــا الله على الفطرة ودونما أي إدراك عقلي منها لمكنونات وتوجهات حياتها ورغم ذلك لا تخرج عن النواميس الطبيعية التي تتماشى مع معيشــــــــــتها وكما خلقها الله , أما نحن بنوا البشـــــــر فرغم ما حبانا الله به من نعمة العقل تجدنا نعيش حياتنا دونما التزام أخلاقي بالنواميس التي وضعها الله لنا لنعيش على ضوئها .

فهل بعد هذا والذي هو غيض من فيض , يمكن لنا أن نصف أوضاعنا مهما هزلت بشريعة الغاب دون أن نكون بذلك قد ظلمنا الغاب وأصحاب الغاب من الحيوان الذي يرتقي علينا في الكثير من الأمور

فهل بعد كل ما سبق ندين شريعة الغاب ام ندين غياب الشريعة والأخلاق والمثل

موضوع طالما جال في خاطري أحببتكم أن تناقشونني فيه وتبادلونني وجهة النظر , علما أنني وفي كل موقع أشــرت فيه إلى نحن البشر فلم أكن أقصد التعميم وإنما قصدت توصيف حالة الكثير من بني البشر.

وشـــكرا لكم على حسـن المتابعة حتى النهاية والســـلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الف شكر لك

شكرا